إستراتيجية تنمية المدينة المفهوم – والمجالات

أ.م.د.عبد الصاحب ناجي البغدادي         إستراتيجية تنمية المدينة هي خطة عمل للنمو المتوازن في المدينة يتم إعدادها والمحافظة عليها من خلال المشاركة(*) لتحسين نوعية الحياة  للمواطنين جميعاً وفي المجالات كافة . كما تعني ايضاً رؤية جماعية للمدينة وخطة عمل تهدف إلى تحسين الحكم الحضري وإدارته والى زيادة الاستثمار لتوسيع فرص العمل والخدمات وتخفيف الفقر الحضري بطريقة منتظمة ومستمرة.       وهناك أساليب عديدة اتبعت في مختلف مدن العالم لتحقيق هذه الأهداف العامة ، علماً بأن الظروف المحلية والوطنية هي التي تحدد الأسلوب المختار، ومن ثم النتائج، فعلى المدينة  أن تأخذ زمام القيادة مع المشاركة الفاعلة للفقراء ورجال الإعمال في إطار مشاركة واسعة، وان يتم العمل في إطار ومحتوى محلي.      وتركز معظم استراتيجيات تنمية المدن على تفعيل التحسينات في  مجالات ذات صلة مباشرة ببعضها وهي: الحكم الحضري، والنمو الاقتصادي المحلي، وتخفيف حدة الفقر.اولاً: الحكم الحضري       الحكم الحضري هو مفهوم عام لطريقة إعداد الأولويات وطريقة اتخاذ القرار لمدى تفاعل المواطنين والمؤسسات المحلية. ويتصف الحكم الحضري الجيد بالشفافية في اتخاذ القرار وبالإدارة المالية الجيدة وبإمكانية المحاسبة والمساءلة العامة ، وتخصيص المواد بطريقة متوازنة كما يتصف بالاستقامة  والأمانة، وينبغي أن يقود إلى تحسينات مستدامة في معظم المؤشرات الحضرية. ويتحسن الحكم الحضري حينما يتم تبني الفروع كمبدأ توجيهي وإرشادي فضلاً عن اللامركزية في الموارد وتفويض الصلاحيات إلى أدنى المستويات الممكنة، واهم عناصرها هي:1.   فاعلية الإدارة واتخاذ القرار: وهي إحدى عناصر الحكم الحضري الجيد ، فالطريقة التي يتخذ بها القرار مهمة جداً في الوصول إلى الإجماع وممارسة عملية المحاسبة والمساءلة والمشاركة الفعالة لجميع الشركاء في هياكل اتخاذ القرارات الرسمية يمكن ان يساعد في بناء الإجماع حول أولويات التنمية وفي تحسين فرص العدالة والكفاءة في تخصيص الموارد،و يضمن الشفافية وإمكانية مساءلة السلطات المحلية. على أية حال فإن اتخاذ القرار بطريقة واضحة وديمقراطية يتطلب توثيقه بقدرات ونظم إدارية لضمان تطبيقه ، لذلك ينبغي على إستراتيجية تنمية المدينة تبني القدرات الحكومية المحلية وقدرات شركائها في المجتمع المدني من اجل ضمان المشاركة المجدية والمثمرة.2.   إعداد الميزانية الحكومية المحلية: إن إحدى الاختبارات للحكم الحضري الجيد يتمثل في وضع الميزانية الحكومية المحلية وإعدادها ، وفي كيفية اختيار الأولويات في التخصيص، و في كيفية تطوير نمو الإيرادات ودعم الفقراء ، فضلاً عن المساءلة المالية والسياسية. وان الحكومة المحلية للمدينة التي تتبنى عملية المشاركة في إعداد الميزانية ، تعد الأكثر نجاحاً في بناء الإجماع وفي تلبية احتياجات الفقراء.3.  الأطر المؤسسية العامة: على الرغم من انه قد تحدد بعض جوانب هذه الأطر بسياسات وتشريعات أعلى في الدولة،إلا أن السلطات المحلية في المدينة تحتاج إلى تأكيد الترتيبات المؤسسية الفعالة في محيطها ومنطقتها الإدارية . ويتطلب ذلك تحديداً واضحاً للأدوار والحقوق والواجبات ولا يقتصر ذلك على المؤسسات الحكومية فحسب بل يشمل القطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطنين في المنطقة الإدارية المعنية. ويرتبط إنشاء الأطر المؤسسية العامة بالحاجة الدائمة إلى الإصلاح لدوائر الإدارة المحلية بما في ذلك بناء قدراتها.ثانياً: النمو الاقتصادي المحلي      يعتمد نمو المدينة ومستقبلها على قدراتها وميزاتها الاقتصادية ، وإستراتيجية التنمية الاقتصادية المحلية هي في صميم إستراتيجية تنمية المدينة. وتشمل الأولويات تحديد أساليب تحسين الأداء الاقتصادي للمدينة بصفة عامة وكفاءته ،وتحسين قدرة المدينة على المنافسة على المستوى الوطني والعالمي، وكذلك تحسين توفير فرص العمل بقاعدة عريضة تتضمن القطاع غير الرسمي. إن اشتراك المؤسسات التجارية الصغيرة إلى جانب القطاع الخاص في فهم واستيعاب إستراتيجية التنمية وضمان زيادة مشاركتها واستثماراتها وكذلك تحديد الدور الداعم للإدارة المحلية له أثر فعال وحاسم في تحقيق النجاح بصفة عامة.      على أية حال تحتاج كل مدينة إلى فهم  مميزاتها واستيعابها ثم الاستفادة القصوى منها والى التركيز على السلع أو الخدمات التي تمنحها هذه الأفضلية والميزة وخصوصاً تساعد على توفير فرص العمل . إن صياغة إستراتيجية محلية للتنمية الاقتصادية معززة بنظم تمويل محلية جيدة ستكون أداة فعالة لتحسين فرص حصول المدينة على التمويل من القطاع الخاص للاستثمارات دعما لهذه الإستراتيجية . كما يساعد التطبيق الناجح للإستراتيجية المحلية للتنمية الاقتصادية على تحسين قاعدة الإيرادات المالية للمدينة.ثالثاً: تخفيف الفقر      تخفيف الفقر أو الفاقة الحضرية ينبغي أن يكون احد أهم النتائج الناجحة لإستراتيجية تنمية المدينة التي تخاطب القضايا التي لها تأثير مباشر وملموس على تحسين مستوى المعيشة وجودة الحياة للسكان عموماً والفقراء خاصة من خلال أعمال مستهدفة وشاملة تساعد على التمكين من ذلك  مثالها تقديم الخدمات الضرورية وإعداد سياسات لتحديد أسعار عادلة للخدمات الضرورية ، بالإضافة إلى بعض العناصر الأخرى مثل حصول العامة (الجمهور) على المعلومات وتحديد  حق الحصول على الوسائل والفرص وحمايته.إن الاعتراف الرسمي بحقوق الفقراء في المدينة وسكان الإحياء الفقيرة هو العامل المؤثر لاندماجهم في المجتمع كما يكون عاملاً لتحسين ظروف المأوى . إن منح الأراضي وتأمين حيازتها هو أحد التعبيرات المتميزة للاندماج ولها تأثير مباشر ومحسوس على الاستثمار.كما إن توفير الخدمات الأساسية وخصوصاً الماء والصرف الصحي والطاقة والنقل الحضري….الخ ، لها تأثير على الحياة اليومية لفقراء المدينة الذين يدفعون عادة أسعاراً مرتفعة لتأمين بعض من تلك الخدمات التي تقدم لهم من مصادر غير رسمية ، لذا يتطلب من إستراتيجية تنمية المدينة النظر في الخيارات المتاحة في تقديم الخدمات بكفاءة وسياسات عادلة للأسعار.رابعاً: متابعة مسار التقدم        عموماً ينبغي إن تكون لإستراتيجية تنمية المدينة نتائج مهمة، أولها الرؤية الإستراتيجية المشتركة للمدينة التي يتم الوصول إليها بالمشاركة وتتضمن أعلى درجات الإجماع.وهذه الرؤية المشتركة ستعكس إستراتيجية واضحة جداً للتنمية الاقتصادية المحلية ولتخفيف الفقر الحضري الأوسع.لذا فألاهم هو إن يترجم الإجماع والإستراتيجية إلى خطط عمل محددة بوضوح في جدول زمني والى تكليف بالمسؤوليات للتنفيذ وطرق منتظمة للمساءلة لجميع الشركاء .وقد حُددت قضايا أساسية لمتابعة نجاح إستراتيجية التنمية للمدينة منها:§        المؤسسية في إستراتيجية تنمية المدينة.§        التأثير على عملية تخفيف الفقر.§        التأثير على الاندماج.


(*) المشاركة    يحمل مصطلح المشاركة معان مختلفة وتعني المشاركة في هذا المقال استخدام المناهج التشاركية في المشاريع التنموية والى المشاركة في صيرورة الحكم وغيرها من الصيرورات السياسية.

لا تعليقات

  1. بارك الله بالاستاذ الدتور عبدالصاحب واود الاستفسار ان كان ذلك جزء من بحث او دراسة قام بها ام انها مقالةفان كان بحثا نرجو ان يزودنا به

اترك رداً على o_s_o69 إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *