التصميم العمراني… مفهوم لا ينعكس ابداً على احيائنا

   الحي السكني أو المجاورة السكنية مصطلح نتعايش معه لحظة بلحظة في حياتنا، رغم ان الكثير منا لا يعي قضية هامة وهي هل الأرض التي اشتراها لبناء مسكنه سعرها مناسب مقابل التطوير العمراني الذي قدمه المطور؟ في الحقيقة.. الاجابة على ذلك السؤال لا نستطيع تحديدها بشكل دقيق حيث انها تخضع لعدد من التأثيرات الثقافية لدى المشرّع والمطور والمشتري. لكن المحزن في الأمر ان كثيرا من دول العالم المتحضرة في مجال العمران سواء الاوروبية أوالامريكية أو الآسيوية وبعض منها عربية قطعت شوطاً لا يمكن ان نصل إليه بسبب فقداننا لكثير من التشريعات والقوانين لتخطيط الحي السكني، إذ اعني بذلك ضعف الوازع التوعوي العمراني لدى أغلب من لهم صلة بهذا المجال وهم من تنطبق عليهم التأثيرات الثقافية. والقضايا في مثل هذا الموضوع متشعبة أطمح في ادراجها بحلقات منفصلة لاحقاً.

وما يزيد سلباً تجاه مخططاتنا أو مجاوراتنا السكنية هو الصمت الحكومي تجاه ذلك الواقع المرير، ومن المؤسف جداً أن عدداً من الدول المجاورة والتي نلجأ إليها لقضاء اجازاتنا لديهم تحولت احياؤهم إلى مناطق ممتعة للعيش والسكن بأقل من ما نتكبده نحن للعيش في مساكن لا يتعدى ان تعدو مساكن فقراء، لذا هم اختاروا المنتج النهائي ليكون الامثل والاجدر بالشراء بعيداً عن المطالبات بالاعفاءات والشفاعات أو جشع المطورين أو الاحتيال احياناً.

كما ان تخطيط الاحياء السكنية يخضع بشكل كبير إلى كيف يفكر المطور أكثر من كيف يفكر المخطط وهو ما نراه واضحاً لدينا، حتى وان حاولت عبثاً في تغيير ثقافة المطور فستواجه مشاكل تطبيقية متنوعة لا تستطيع من خلالها ايجاد البيئة السكنية الملائمة، وعلى سبيل المثال: تطبيق طرق المشاة، تطبيق حدود الطرق والشوارع،تصميم الارصفة،توزيع مناطق الخدمات، توزيع الخدمات التجارية. وهذه جميعها ترجع الى ضعف في مستوى الوعي لدى المخطط والمستثمر وادارات التخطيط بالجهات المسؤولة المختلفة ومعرفة كل منهم بما له وما عليه.

إن مفهوم التطوير العقاري المهيمن على افكار المطورين أو المستثمرين في القطاع العقاري لا بد وأن يتغير إلى تطوير عمراني بشكل مضمون، وليس كما في مانشتات شركاتنا العقارية، لنواكب بذلك تطلعات المستقبل ونحل مشكلات الاحياء السكنية هزيلة المستوى لنستطيع أن نقول ونعيش داخل أحياء سكنية عمرانية ملائمة، سواء كان بقوة النظام أو بزيادة الوعي.

وما يؤسفني في واقعنا العمراني أن عمليات التطوير الحالية بعد اتخاذ بعض الاجراءات تجاهها من تأمين خدمات كهربائية وماء وهواتف هي ليست كافية مقابل النقص الفاضح تجاه خدمات اخرى لا تقل اهمية عنها مثل الصرف الحي وتصريف مياه الامطار وتنسيق الشوارع والخ..

تلك حقيقة مضحكة أن تجد حياً مصمماً لذوي الدخل المحدود ومكتمل الخدمات 100% ( حي الجزيرة ) أفضل بمئات المرات من احياء تقبع في شمال مدينة الرياض لا يقل سعر المتر بها عن 2.000ريال، وبالمقابل لا نجد لذوي الدخل العالي مثالاً يستطيعون العيش فيه إلا ايجاراً وليس تملكاً وهو حي السفارات.

يبقى التساؤل الذي مللت من بحث الاجابة عليه هل سننجح في الانتقال إلى مجال التطوير العمراني أم سنستمر على التطوير العقاري وجشع المطورين وغياب النظام والسلطة ونستمتع عند الغير أو مشاهدة المجلات العمرانية وزيارة المعارض الدولية خارج بلدي ووطني وطن الخير.

© م. سليمان بن فهد الوهيبي جريدة الرياض الخميس 6 رمضان 1427هـ -28 سبتمبر 2006م – العدد 13975

لا تعليقات

  1. طلال الحريقي

    لو تركت امور التخطيط للمخططين واصبح المخططين هم المسؤولين فقط عن الشؤون التخطيطية في البلديات والامانات لما وصلنا الى هذا التدهور الحضري.

  2. التخطيط العمراني له اهميه كبيرة في تخطيط المدن بدونه تصبح المدن متدهورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *