النمو السكاني ومشاكل توفير الخدمات المجتمعية والبنية التحتية في المدن الكبرى

إن التسمية السائدة للمدن المناطق الحضرية تمييزا لها عن المناطق الريفية والبوادي, حيث تتميز المدن بتجمع الأنشطة والخدمات فيها,لذا تمثل المدن البيئة الآمنة والمريحة التي استطاع الإنسان ان يسخر كل قدراته العقلية والجسمية واستغلال الإمكانات المتاحة في سبيل عمل مثل تلك البيئة وتطويرها بشكل مستمر, وإدخال كل الأساليب التكنولوجية في خدمة التحضر,إلا إن تهور الإنسان واندفاعه نحو تركز كل الأنشطة والمؤسسات في المناطق الحضرية كان له الآثار السلبية على الأداء الوظيفي للمدينة,وظهرت الكثير من المشاكل التي حولت المدينة إلى بيئة غير مريحة,فقد كان للتنافس بين الأنشطة المختلفة وزيادة سكان المدن والسيارات من العوامل الرئيسية التي أسهمت في تغير بيئة المدينة فانعكست أثار ذلك سلبا على نوع وكمية الخدمات,وسيتم استعراض مختصر لتلك الآثار وكما يأتي:
 
أولا-الخدمات التعليمية:
أدت زيادة السكان إلى خلق ضغط كبير على المؤسسات التعليمية فظهرت عدة سلبيات منها:
1- ازدياد عدد الطلبة في الصف الواحد أكثر من 30 طالب,مما أدى ذلك إلى إرباك اداء المعلم او المدرس لعدم قدرته السيطرة على كل الطلبة وتوجيه الأسئلة   لهم ضمن الوقت المحدد له,خاصة وان تلك الإعداد قد تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 50 طالب ,كما يتعذر على المدرس إدخال مثل هذا العدد إلى المعامل والمختبرات,فتنعكس أثار ذلك على المستوى العلمي للطالب.
2- أدت الزيادة في إعداد الطلبة إلى شطر دوام المدارس إلى وجبتين أو ثلاث, أي يكون الدوام ثنائي او ثلاثي وهذا يكون على حساب الوقت الأصلي للطلبة الأصليين,كما يتم إلغاء عدد من الحصص الدراسية للتوفيق بين أوقات الدوام المتعدد.
3-  يؤدي الدوام المزدوج أو الثلاثي إلى استهلاك أثاث ومحتويات المدرسة بسرعة مما يقلل من كفاءة أدائها مما تنعكس اثأر ذلك سلبا على العملية التعليمية.
4-خلق ضغط كبير على المعلم والمدرس فيقل عطائه وعدم قدرته على إكمال مفردات المنهج المقرر.
5- عدم أمكانية استخدام تقنيات جديدة في مجال التعليم,لعدم توفر المكان المناسب لها وعدم القدرة على تلبية حاجات العدد الكبير من الطلبة.
 
ثانيا –الخدمات الصحية:
    تتأثر الخدمات الصحية بالزيادات السكانية التي تشهدها المدن الكبيرة,حيث يزداد عدد المراجعين على المؤسسات الصحية بأنواعها, فينتج عن ذلك ما يأتي:
1- زيادة عدد المراجعين على الطبيب الواحد مما يستوجب الإسراع في الفحص دون اخذ الوقت الكافي لتشخيص   حالة المريض بصورة دقيقة,وعندما يكون التشخيص غير دقيق يكون العلاج غير صحيح وربما تحصل مضاعفات للمريض.
2- الضغط على عمليات الدخول إلى المستشفيات لغرض متابعة بعض الفحوصات والتحليلات والتي قد تحتاج إلى بضعة أيام, وإعادة التحليل في حالة عدم التوصل إلى نتائج مقنعة,ففي حالة الضغط الكبير على تلك المستشفيات فلا يتوفر الوقت الكافي للتوصل إلى نتائج مرضية.
3- إن زيادة الطلب على الأدوية من الصيدليات يؤدي إلى شحة بعض أنواعها وخاصة للأمراض المزمنة, فيتسبب ذلك بمخاطر على حياة بعض المرضى.
 
ثالثا- الخدمات الترفيهية:
    ان تخطيط الخدمات يعتمد على عدد السكان الحالي والمتوقع وفق الزيادة الطبيعية, ومنها الخدمات الترفيهية المتمثلة بالنوادي الرياضية والمقاهي والألعاب ومحلات الانترنت والمكتبات,حيث يتم تخطيط تلك الخدمات ضمن التصاميم الأساسية للمدينة وتوزع بشكل ينسجم مع استعمالات الأرض الحضرية وتوزيع السكان في المدينة,فعندما يزداد سكان المدينة بصورة غير طبيعية تتعرض تلك المنشآت المتعلقة بالترفيه إلى ضغط كبير يؤدي إلى قلة كفاءة أداءها ويقصر من عمرها الزمني.
 
رابعا- خدمات النقل:
     يعد النقل من الخدمات المهمة التي يقاس على أساسها مدى تقدم الدول أو تأخرها, ومن الجوانب التي يفكر بها الإنسان عندما يريد أن يسكن في مكان ما مدى توفر وسائل نقل متاحة لغرض التنقل من مكان أقامته إلى أي مكان يرغب الذهاب أليه,فكثيرا ما تقام مناطق سكنية في أطراف المدن ولكن لاتتوفر وسائل نقل تخدم تلك المناطق لذا يعزف الناس عن السكن فيها,وحتى وان كانت منخفضة الإيجار,وعليه يشكل النقل عصبا مهما في حياة سكان المدن والأرياف او البوادي,ولكن في المدن تظهر أهميته بصورة أوضح,وقد يواجه المواطن صعوبة في التنقل من مكان أقامته إلى موقع عمله بسبب قلة وسائل النقل او بسبب زحمة الشوارع,وعليه كثيرا ما تواجه الإدارات المحلية للمدن مشكلة كبيرة في خدمات النقل بسبب زيادة عدد السكان وقلة تطور تلك الخدمة,والتي تحتاج إلى إجراءات فاعلة لغرض تذليل تلك المشكلة.
 
خامسا-خدمات المياه:
    إن الطلب على المياه يزداد بشكل مستمر وقد وصلت حاجة الفرد إلى حوالي ألف لتر يوميا في بعض الدول الصناعية, في حين تعاني دول اخرى من مشكلة المياه وتكون حصة الفرد لاتتجاوز 20 لتر يوميا,وربما اقل من ذلك بكثير وخاصة الدول التي تعاني من الجفاف,وعليه يجب على السلطات المحلية في المدينة إن تعمل بشكل جاد في توفير المياه بما يلبي حاجة زيادة الطلب على المياه والزيادة السكانية المتوقعة,وقد واجهت الكثير من مدننا العربية مشاكل في توفير المياه لسكانها بصورة كافية لأسباب عدة منها قلة مصادرها وسوء توزيعها وزيادة السكان دون تطوير خدمات توفير المياه.
 
سادسا- خدمات الطاقة:
    تعد الطاقة من الخدمات المهمة والضرورية التي تعتمد عليها مفاصل الحياة المختلفة, وقد زادت الحاجة إلى تلك الخدمة مع زيادة التطور التكنولوجي حتى وصلت تلك الحاجة إلى 16 إلف وات يوميا في بعض الدول,في حين تصل حصة الفرد في بعض الدول اقل من 20 وات يوميا,وقد يواجه سكان المدن مشكلة في الحصول على الطاقة الكهربائية بكميات كافية ومتساوية لجميع سكان المدينة,لأسباب كثيرة منها عدم توفر مصدر كافي للطاقة والثاني عدم توزيعها بما ينسجم والكثافة السكانية وتوزيع استعمالات الأرض,وعدم تطور مصادر توفير الطاقة بما يتناسب وزيادة الطلب عليها.
 
سابعا- خدمات الصرف الصحي:
      تمثل خدمات الصرف الصحي احد العناصر الأساسية   التي يجب توفيرها في المناطق الحضرية,وفي حالة عدم توفرها او عدم كفاءة عملها سينتج عنها مشاكل بيئية ربما تؤدي إلى انتشار بعض الإمراض والمشاكل البيئية,وكثيرا ما تكون تلك المجاري غير كفوءة وينتج عنها مشاكل كثيرة داخل المدن وخارجها وخاصة في الدول التي لاستخدم محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي ويتم رميها في الأنهار او البحار او الأودية,وقد تصمم بصورة غير كافية لاستيعاب المياه المستعملة في البيوت والمصانع والأنشطة المختلفة فيترتب على ذلك تجمعها في أماكن معينة فتكون مصدرا لروائح كريهة داخل المدينة,او قد تتعرض المدينة الى زخات مطرية شديدة تفوق طاقة المجاري فتخرج المياه إلى خارجها وتتجمع في المناطق المنخفضة.
 
ثامنا- خدمات جمع النفايات:
 ان عملية جمع النفايات الصلبة والتخلص منها من الجوانب المهمة التي تقع على عاتق الأجهزة البلدية,وان نظافة الشوارع والأزقة والأماكن الخالية من الأبنية والساحات مؤشر على تولي تلك الأجهزة تلك المهمة بصورة صحيحة,واذا حدث العكس أي وجود أكوام القمامة في كل مكان من المدينة فهذا يدل على عدم وجود عناية بجمع النفايات والذي ستكون له أثار سلبية على البيئة ومن ثم على السكان لما تسببه تلك النفايات من روائح وتجمع الحشرات,والتي قد تسبب في انتشار بعض الإمراض وخاصة في المناطق المزدحمة بالسكان,وفي هذا المجال لابد من تعاون المواطن مع الأجهزة المختصة من اجل تحقيق النظافة الكاملة للمدينة لتكون البيئة المريحة للإنسان.
 
تاسعا- خدمات الاتصال:
     تعد خدمات الاتصال من ضروريات الحياة في الوقت الحاضر والتي تطورت بشكل جعل العالم كما يسميه البعض بالقرية الصغيرة,وذلك بفضل تعدد قنوات الاتصال بكل جهات العالم ومن أي مكان فقد أدى الهاتف النقال والحاسب المحمول والانترنت والستلايات إلى توفير تلك للخدمة للإنسان في أي مكان دون مشكلة,لذا يجب على الدولة توفير مثل تلك الخدمات لكل إفراد المجتمع,وإلا يبقى المجتمع الذي يحرم منها معزولا عن العالم ويجهل الكثير من الأمور في الحياة وما يدور في العالم,وقد تم توفير تلك الخدمات لجميع سكان المدن والأرياف في الدول الصناعية,إما في الدول النامية فلا تزال بعض المدن تعاني من مشكلة توفير تلك الخدمات لجميع السكان,مما خلق تفاوتا كبيرا فيما بينهم
.

لا تعليقات

  1. وجهة نظر :بالنسبة للخدمات المقدمة في المدن يجب ان تضاعف ضريبة كونها مناطق حضرية تستقطب سكان المناطق الريفية ، من وجهة نظر مخالفه يجب ان لا نكرس الجهود لوقف الهجره نحو المدن بل نعمل على زيادة ومضاعفة الخدمات بالمدن مع التخطيط السليم الذي يتناسب مع حجم المدن.دمتم

  2. ان التخطيط السليم والاخذ بنظر الاعتبار النمو المستقبلي يحجم كثيرا من مشاكل المدن ,والامر الاخر هو ان يأخذ بالتخطيط الاقليمي وتنمية الريف وخلق بؤر تنمية حقيقية في مختلف البلاد يقلل الضغط على المدن ,التي ابتليت بألادارات الامية الفاسدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *