حماية النزاهة
يترعرع الفساد عدو التنمية بأسبابه المتعددة كتعدد أشكاله وأقنعته المزيفة ورائحته النتنة في المجتمعات التي تخلو من تكامل الاستراتيجيات والسياسات والخطط التنموية الشاملة وآليات تنفيذها ومنها سياسات وبرامج مكافحة الفساد والأجهزة المعنية بذلك، وفي مملكتنا الحبيبة المملكة العربية السعودية مملكة الإنسانية ومهبط الوحي نعيش ونرى ونشارك مراحل التنمية الشاملة والإصلاح المستمر، ونبقى مجتمعاً كباقي المجتمعات لا يخلو من العقبات التنموية ومنها الفساد ولا يخلو من آليات متابعتها وعلاجها وفق إطار هويتنا الإسلامية الوسطية السمحاء التي تدعو إلى مكافحة الفساد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)، وقوله تعالى: ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) وقال الرسول صلى الله علية وسلم: (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش).
وأشار أعضاء من مجلس الشورى الموقر واقتصاديون وقانونيون إلى ان خسائر المملكة العربية السعودية نتيجة الفساد تقدر بنحو 3 تريليونات ريال وإن المملكة احتلت المرتبة 78 من اصل 160 دولة في تصنيف الأمم المتحدة للشفافية والنزاهة والإفصاح. واتضح ويتضح في مراحل التنمية الشاملة وآليات تنفيذها المستمرة المترابطة المدروسة التي نعيشها واقعا ملموسا المشاركة الفاعلة للمواطن والرعاية الكريمة من ولاة الأمر – يحفظهم الله- لتنفيذ آليات هامة لتحقيق التنمية الشاملة المستديمة ومنها ما اشار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خطابه بمناسبة افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الرابعة لمجلس الشورى إلى ( أهمية التطوير وتعميق الحوار الوطني وتحرير الاقتصاد ومحاربة الفساد والقضاء على الروتين …………..).
وقرار مجلس الوزراء بالموافقة على الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد والتي من أهدافها ( تحقيق حماية النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره وتحصين المجتمع السعودي ضد الفساد عن طريق عدة وسائل من أهمها إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية ورصد نتائجها وتقويمها ومراقبتها ووضع برامج وآليات تطبيقها، وقيام الأجهزة الحكومية المعنية بحماية النزاهة ومكافحة الفساد بممارسة اختصاصاتها وتطبيق الأنظمة المتعلقة بذلك وتقليص الإجراءات وتسهيلها والعمل بمبدأ المساءلة لكل مسئول مهما كان موقعه وفقا للأنظمة)، قرار طبيعي وآلية من حزمة آليات تنفيذية لاستراتيجيات تنموية شاملة اقتصادية واجتماعية وعمرانية يحتاجها الوطن والمواطن في مراحل التنمية والمتغيرات السريعة بهدف الرقي بالمجتمع إلى تنمية مستديمة يتمتع بالعيش فيها جيل الحاضر وأجيال المستقبل.
موافقة مجلس الوزراء على الاستراتيجية والمناقشة الحالية في مجلس الشورى لمشروع نظام مكافحة الاعتداء على المال العام وسوء استعمال السلطة تمهيدا لرفعه لمجلس الوزراء، بالإضافة إلى وجود أجهزة رقابة ومتابعة للأمور المالية والإدارية كديوان المراقبة، وهيئة الرقابة والتحقيق، والمباحث الإدارية، والحساب الخاص بوزارة المالية والخاص بتبرئة الذمة المالية، والإدارات المختصة في الوزارات المختلفة، والمجالس البلدية، جميعها حزمة من الآليات تتطلب التخطيط والتنفيذ والتنسيق الشامل الدقيق في ظل وجود ميزانية تاريخية وكوادر بشرية مؤهلة وتطور تكنولوجي مستمر للمساهمة في حماية النزاهة ومكافحة الفساد في مراحل التنمية الشاملة التي لا تخلو بل يزداد فيها التفاعل مع الآخر في عالم أصبح قرية صغيرة.
الفساد آفة وأشكاله وأبعاده تتضح في تفاعل الإنسان بالمكان والإطار السياسي التنموي المعمول به في المجتمعات المختلفة، ومن هنا تأتي أهمية ترابط أضلاع المثلث الإنسان والمكان والإطار السياسي في إطار استراتيجي شامل شفاف، ومن هنا أيضا تأتي أهمية وثقل حمل الأمانة لمن ستناط به مهام المشاركة في هذا المشروع الوطني التنموي الهام.
واقترح آلية هامة تلعب دوراً أساسا في إنجاح معظم السياسات التنموية وهي التثقيف بهذا المشروع الوطني وأهدافه وفوائده وآليات تنفيذه في وسائل الإعلام المختلفة بالإضافة إلى التثقيف به والإعلان عنه في المدارس والجامعات والشوارع في مدننا وقرانا كما تم في مراحل المشروع الوطني السابق(الانتخابات الجزئية للمجالس البلدية) وما رأينا ونرى ونعيش واقعا ملموسا من نجاح منقطع النظير لمراحل تنفيذه.
وأخيرا وليس آخرا الشكر لله أولا وأخيرا ثم لولاة امرنا – يحفظهم الله- ثم لكل من شارك ويشارك في هذا المشروع الوطني وأعضاء مجلس الشورى على جهوده الخيرة المستمرة مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق والسداد في المرحلة القادمة فيما يختص بالمشاركة في وضع آليات التنفيذ فحماية النزاهة قلب مكافحة الفساد.
—————————————————————-
جريدة اليوم - الجمعة 1428-02-12هـ الموافق 2007-03-02م -
العدد 12313 السنة الأربعون