قبل أسبوع كتبت عن ضرر الرعي الجائر والمبكر على البيئة في محاولة لرفع الوعي البيئي وحث المسؤولين على اتخاذ خطوات فاعلة لحماية البيئة.
وكم فوجئت ببعض الردود التي خالفت حقيقة لاتخفى على أصحاب الخبرة مدعية أن الرعي يفيد التربة غير مميزة بين نافعة وضارة ومن هنا رأيت أن أسوق أدلة واقعية واستدل برأي الخبراء حتى لايكون الموضوع مجرد اجتهادات.
ففي الكويت حذر تقرير متخصص نشر في نشرة أخبار البيئة من الرعي الجائر وأنه يؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي وتعري التربة وانجرافها مما يزيد التصحر. وعرف الرعي الجائر بزيادة عدد الماشية عن الحمولة الرعوية. وأوصى بالالتزام بالقواعد التي تنظم الرعي.
أما في الأردن فبعد أن عانت بعض المحافظات من تعري التربة وانجرافها نتيجة الرعي الجائر فقد تم تنفيذ برنامج إعادة تأهيل التربة بالتعاون مع برامج متخصصة من الأمم المتحدة. وأوصوا بتربية أنواع من الماشية الهجين التي يمكن تربيتها في حظائر. ومثل تلك النتيجة خلصت إليها ورشة العمل الوطنية الأردنية لمكافحة التصحر حيث ذكرت أن أهم أسباب التصحر تكمن في الرعي المبكر والجائر وقطع الأشجار.
أما في الصين فحسب تقرير منظمة الزراعة والأغذية في الأمم المتحدة فإن الرعي الجائر فاقم من تآكل التربة في مقاطعة "شانغسي". كما أشار التقرير إلى أن هناك حوالي 270مليون نسمة من سكان المناطق الجبلية والريفية يعانون من تآكل الأمن الغذائي نتيجة تصحر تلك المناطق كنتيجة مباشرة للرعي الجائر.
أما في سوريا فقد صدر تقرير يؤكد أن التعرية الريحية مسؤولة عن 50% من حالات تدهور التربة كنتيجة طبيعية للرعي الجائر. وهذا أدى إلى تنظيم أوقات وأماكن الرعي في سوريا وهي أكثر منا أمطارا وأخصب تربة.
أما نشرة البيئة والقانون وفي مراجعتها للقوانين البيئية فتؤكد أن العديد من الدراسات تشير إلى أن الإنتاجية البيولوجية تتأثر بعوامل عديدة تؤثر بدورها على النظم البيئية "Ecosystems"، فتصبح غير قادرة على مقاومة المتطفلات مما يؤدي إلى حدوث تحول في البيئة واختلال في عوامل توازنها مثلما يحدث عند دخول أعداد كبيرة من الحيوانات إلى منطقة يقل إنتاجها عن حاجة تلك القطعان الوافدة مما يحدث درجات متفاوتة من الرعي الجائر وضعف الإنتاجية والتصحر.
ولكم أن تتصوروا أن لبنان الخضراء تنبهت إلى الآثار المدمرة للرعي الجائر وخرجت بتوصيات للبلديات المحلية لتنظيم الرعي والحد من مساحاته. وقد تفاقمت مشكلة الرعي الجائر لدرجة أجبرت المجلس البلدي في عاريا في قضاء بعبدا إلى التعاون مع منظمة بيئة بلا حدود لإيجاد حلول لمشكلة التصحر الناتجة عن الرعي الجائر.
الأمثلة كثيرة وصادرة من جهات متخصصة. الفرق الكبير أن البلاد الغنية بالأمطار والمرعى فعَّلت قوانين حماية البيئة للحد من أثر الرعي المبكر والجائر بينما نستورد مئات الآلاف من المواشي ونطلقها في صحراء تشكو من قلة الأمطار وندرة الأعشاب.
أين دور وزارة الزراعة وحماية الحياة الفطرية ومؤسسات المجتمع المدني. سؤال يحتاج إلى عمل.