معايير النجاح في المشاريع
م.فهد الحماد
عندما يحدثك شخص ما عن تجاربه السابقة وما حقق من نجاحات وانجازات عديدة تتساءل كيف لنا أن نقيم أعمالنا السابقة إن كانت ناجحة أو غير ناجحة؟
وإن كانت ناجحة ما هي درجة النجاح التي حققتها؟
عند التأمل الدقيق يتبين لنا أن تقييمنا للنجاح يعتمد على مدى معرفتنا بأعماق وتفاصيل وخصائص وطرق إيجابيات وسلبيات كل تفاصيل المشروع الذي نعمل على إنشائه.
ففي أي مشروع هناك طرق عديدة ومتنوعة لتنفيذ كل جزئية من جزئياته، كما ان هناك مواد بناء مختلفة في خواصها واستخداماتها وأسعارها، حيث يجب أن يعتمد نوع المادة المستخدمة على مدى ملاءمتها للمشروع لا فقط على سعرها، اضف إلى ذلك مدة تنفيذ المشروع والتي تلعب دورا أساسيا عند حساب التكلفة التقديرية والتشغيلية لأي مشروع، كذلك فإن موقع المشروع والأجواء المحيطة به سواء أثناء الإنشاء أو خلال فترة الاستثمار، وطبيعة التربة التي سيقام عليها يفرض مواصفات للمواد المستخدمة وحلولا إنشائية معينة لا يجوز تجاهلها بأي حال من الأحوال، وقد يعترض سير المشروع ظروف استثنائية تؤثر على مساره.
إن استخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات التي تلائم المشروع ووظيفته وموقعه وطبيعة التربية المقام عليها وعدم الالمام الكامل باساليب المعالجة عند حدوث أي أمر طارئ ينتج عنه آثار سيئة قد تظهر نتائجها مع انتهاء التنفيذ والبدء بالاستثمار الفعلي للمنشأ مباشرة.
حيث تبدأ عمليات الصيانة والتي تتفاوت كلفتها تبعاً لسلامة تنفيذ المراحل السابقة، وطريقة استخدامه لاحقاً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو مقياس الحكم على بناء أو منشأ ما بالنجاح أو بالفشل؟.
هل هو انخفاض تكلفة الانشاء، أم انخفاض تكاليف الصيانة، أم ارتفاع العائد الاستثماري للمنشأة، أم عمر المنشأ، أم الرؤية الجمالية الداخلية والخارجية للمنشأ.
لا يكفي تحقيق أياً من المقاييس السابقة منفرداً في أي منشأة لنقول عنه ناجح، حيث ان النجاح هو القدرة على تحقيق المقاييس السابقة مجتمعة.
قد يظن البعض انه في الأعمال العمرانية ان مجرد ارتفاع المبنى فوق سطح الأرض يعتبر انجازاً ونجاحاً كبيراً، وذلك لعدم امتلاكه المعرفة، واستعانته ببعض الأشخاص أو المقاولين الذين لا يملكون قدراً كافياً من المؤهلات ليرتقوا بالمشروع إلى الدرجات العليا في سلم النجاح حيث ان ما تحقق لا يعتبر سوى البداية في سلم النجاح.
ولو ناقشت مالك مشروع قام بإنشائه بنفسه، حول طبيعة المواد المستخدمة في البناء، والخطة الزمنية اللازمة لانجازه، وطريق التنفيذ، ثم قمنا بشرح طرق بديلة في الإنشاء، واقتراح ومواد بناء أكثر ملاءمة لطبيعة الموقع، وخطة زمنية مدروسة ومناسبة لتنفيذ المشروع، والتدفقات المالية المطلوبة بقيم وأزمان محددة، ثم أجرينا مقارنة بين كلامه وتنفيذه وما الحل المقترح لذلك، وما سيعود عليه هذا من توفير للوقت والجهد والمال لتمنى أن يرجع به الزمن ليوكل مشروعه من الألف إلى الياء لمجموعة من المختصين والاستشاريين في البناء والعمران وإدارة المشاريع.
ومن خلال تأملنا للمشاريع نرى العجب، فنجد كميات هائلة من الحديد والخرسانة في مشروع ما يكفي لإنشاء مشروع ربما أكثر وذلك بحجة الأمان!!! ان التصميم الاقتصادي يعتبر من أساسيات علم الهندسة.
وقد نجد حالات تنفيذ سيئة ليس ما يبررها، وتنعكس على جمالية المنشأ والمعالجة اللاحقة لها أثناء التشطيبات تسيء بشكل كبير للمبنى وتجعله يبدو وكأنه قديم في حين كان ينبغي تداركها منذ البداية.
إن الإنسان عدو ما يجهل، وإن ادعى شخص ما علمه بكل شيء، نقول له انه يمكن للإنسان أن يعلم شيئاً عن كل شيء، لكن لا يمكن أن يعلم كل شيء عن كل شيء، فالإلمام بكل الأمور ودقائقها التفصيلية والتنفيذية في كل اختصاص من اختصاصات الهندسة لا يمكن توافر ه في شخص واحد مهما بلغ وعلا شأنه.
لذلك فإنه من الأفضل والأجدى وخاصة في الأعمال الإنشائية والعمرانية بشكل عام ذات التفرعات الكبيرة إعطاء إدارتها لمجموعة من المختصين في إدارة المشاريع لضمان جودة أعمال التنفيذ من خلال اعتماد أفضل الطرق والأساليب والمواد، وضمان انتهاء الأعمال في الوقت المحدد لها، للاستفادة من المنشأ الاستفادة القصوى واستثماره استثماراً آمناً تكون خلاله نفقات الصيانة في حدودها الدنيا وذلك طوال العمر الافتراضي للمشروع.
@ مدير عام شركة آد للهندسة
———————————————————————————
جريدة الرياض الخميس 25صَفر 1428هـ – 15مارس 2007م – العدد 14143
mpfhudk