قوقل و أوراق التخطيط

(قوقل) وأرق التخطيط

م.حمد اللحيدان

    لقد اصبح بمقدور اي منا الآن ان يتجول حول العالم والوقوف من عل على اي مكان ومن ثم التحليق حول الازقة والطرقات والمباني التي يتكون منها النسيج العمراني لأي مدينة او قرية او هجرة وذلك بما توفر من تقنيات حديثة تعمل على الحاسوب وترتبط بالشبكة العنكبوتية.

لقد كان عمل المنظور لمبنى يستغرق وقتا في الرسم اليدوي يعرفه زملاء المهنة واما عمل منظور تخطيطي لمدينة او حي بتفاصيل دقيقة فهذا لايستغرق وقتا بل يستغرق اياما وليالي حتى يتم انجاز هذا العمل بتفاصيله.

لقد احدث ( قوقل ايرث) شيئاً لايمكن وصفه من خلال صور الاقمار الاصطناعية وتمكين المستخدم وكأنه قد استأجر للتو طائرة ( هيلكوبتر ) للتجول فيها على المدن قربا وبعدا واصبح بمقدور المستخدم العادي التعرف على الشوارع والاحياء في اي مدينة في العالم وهي رحلات ممتعة اوضحت للجميع شكل تخطيط المدن وكيف هي المنازل من الاعلى بدل تلك اللمحات التي نشاهدها ونحن في الطائرة عبر سفرنا من خلالها.

ولكن مع هذه المتعة الجميلة في السفر والترحال لتلك المدن والاماكن اتضح لنا حجم المعاناة التي تعيشها احياؤنا بالمقارنة مع احياء المدن الاخرى المتحضرة.

اننا نعيش وسط اقفاص خرسانية مهولة حجما وعددا، ان نظرة على بعض احياء الرياض مثلا تبين لنا عن الذي نعنيه بالضبط حيث الاف المساكن الخرسانية ذات الحجم الكبير تصطف جنبا الى جنب عبر تخطيط شبكي يكتسح كل رقعة، وكل شيء خرساني المدرسة والمسجد وحتى المباني التي في الحدائق خرسانية ويزيد من المعاناه ذلك الكم الهائل من الاسفلت الذي يقطع اوصال تلك الاحياء وكيف ان التخطيط الذي تعيشه احياؤنا اليوم سبب مشكلة اجتماعية وامنية مزعجة حيث احياء لا يعرف لها باب او مدخل، كما ان الاحياء تفتقد الى رئة تتنفس من خلالها خضرة ونضرة وملاعب.

اذا كانت الصحراء التي تحيط بنا من كل الجوانب فهل هذا التخطيط هو التخطيط المناسب لنا؟

كم يضايقني ان اتجول في مدننا عبر هذا (القوقل) لان التخطيط فيها يسبب لي ارقاً كما ان تصميم المساكن الخرساني يسبب لي ارقاً اخر ولذا:

ارق على ارق ومثلي يأرق

وجوى يزيد وعبرة تترقرق

 

————————————————————————————-

صحيفة الرياض – الخميس 11صَفر 1428هـ – 1مارس 2007م – العدد 14129

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *