هذه الخبرات بيت القصيد هي خبرات المتقاعدين المؤهلين، هذه القضية لم تكن ملحة بل ربما غير موجودة قبل سنوات خلت، لكنها الآن تشكل قضية مهمة بعد ازدياد عدد المتقاعدين من ذوي التخصصات المهنية، ومنهم الطبيب والمهندس والأستاذ الجامعي والإداري والمحاسب والقانوني وغيرهم كثير، هؤلاء ثروة مهنية وفكرية يغلب لديهم في هذه المرحلة الموضوعية والتجرد والبذل عن طيب خاطر وهذا ما يضاعف من أهمية خبراتهم وأفكارهم، ولأن هذه الصفحة معنية بالعمران وعلومه فسوف يكون التركيز هنا على المهندسين.
بدأنا نرى بواكير تقاعد مهندسين ومعماريين وهؤلاء أصحاب خبرات كبيرة ومتنوعة نحن في أمس الحاجة إلى استثمارها بما يعود عليهم وعلى الوطن بالشيء الكثير، هؤلاء تراكمت لديهم الخبرات وتعددت وتنوعت تجاربهم، فإما أن نتركها تذبل وتتلاشى أ و نستثمرها في عملية البناء بمعناها الشامل، فهؤلاء المتقاعدون لا يكون العائد المادي في أعلى قائمة أولوياتهم فهم يريدون تحقيق انجازات مهنية وترك بصمات هندسية (تحقيق الذات) تدل على إمكاناتهم العلمية والعملية واستثمار وقتهم بما يفيد ويعود عليهم بالرضا النفسي وكثير منهم يعتبر العمل في هذه المرحلة بعد تلك السنين استثماراً للآخرة.
لكن هذا يحتاج إلى خطط وبرامج تضع تلك الخبرات والأفكار في المدارات الصحيحة لتصب في قنوات الاستثمار الأمثل والذي يعود عليهم بالرضا المهني وعلى الوطن بالانجازات، ولعل وزارة الخدمة المدنية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الاقتصاد والتخطيط هم الأقرب لتبني خطة وطنية للاستفادة من تلك العقول وغيرها من جميع التخصصات وربما كانت الخطوة الأولى في الخطة إنشاء قاعدة معلومات شاملة ومتكاملة عن هؤلاء، وقاعدة معلومات شاملة وكاملة عن الفرص سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو تنموية أو فكرية وغيرها والتي يمكن أن يشاركوا فيها بالرأي والدراسة والبحث والتنفيذ، سواء كانت تلك الفرص أو المشروعات قائمة أو مخطط لها أو طارئة، مع إيجاد الية تجمع بين المشارك والفرصة وتنظم العلاقة بينهما لبلوغ الهدف وتحقيق النتائج.
© المهندس صالح بن ظاهر العشيش جريدة الرياض الخميس 6 رمضان 1427هـ -28 سبتمبر 2006م – العدد 13975